×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

ودِينُ الإسلامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ:

أَحَدُهما: ألاَّ يُعبَد اللهُ إلاَّ وَحْدَهُ.

والثاني: ألاَّ يُعبَد إلاَّ بما شَرَّعَهُ الله على لسان الرسولُ.

وهذا معنى شهادةِ أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ.

وهكذا لا يَجُوز لأَِحَدٍ أن يَطْلُبَ من الرسولِ الشفاعةَ؛ لأنها مِلْكُ اللهِ سبحانه، فلا تُطلَب إلاَّ منه؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗاۖ [الزمر: 44]، فتقول: «اللَّهُمَّ شَفِّعْ فِيَّ نَبِيَّكَ، اللَّهُمَّ شَفِّعْ فِيَّ مَلاَئِكَتَكَ وَعِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ شَفِّعْ فِيَّ أَفْرَاطِي»، ونحو ذلك.

وأمَّا الأمواتُ، فلا يُطلَب منهم شيءٌ، لا الشَّفَاعَةُ، ولا غيرُها، سواءٌ كانوا أنبياء، أو غير أنبياء؛ لأن ذَلِكَ لم يُشرَع، ولأن المَيِّتَ قد انقطع عَمَلُهُ إلاَّ ممَّا استثناه الشَّارِعُ.

وفي «صحيح مسلم» عن أبي هريرة قال: قَالَ رسولُ اللهِ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1]).

وإنَّما جَازَ طَلَبُ الشَّفَاعَةِ مِنَ النبيِّ فِي حياتِهِ ويوم القيامة؛ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، فإنه يستطيعُ أن يتقدَّم فيسأل ربَّه للطَّالِبِ أمَّا فِي الدنيا، فمعلومٌ، وليس ذَلِكَ خاصًّا به، بل هو عامٌّ له ولغيره، فيجوز للمسلمِ أن يقول لأخيه: اشْفَعْ لي إلى ربِّي فِي كذا وكذا، بمعنى: ادْعُ اللهَ لي، ويجوز للمَقُولِ لَهُ ذَلِكَ أن يَسأل اللهَ ويشفعَ لأخيه إِذَا كَانَ ذَلِكَ المطلوبُ مِمَّا أباحَ اللهُ طَلَبَهُ، وأمَّا يوم القيامة، فليس لأَِحَدٍ أن يَشْفَعَ إلاَّ بعد إذنِ اللهِ سبحانه، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255].


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (49).