×
شرح مناسك الحج والعمرة على ضوء الكتاب والسنة

 وأمَّا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الزُّوَّارِ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ عند قَبْرِهِ، وطولِ القِيَامِ هناك، فهو خِلاَفُ المشروعِ؛ لأن اللهَ سبحانه نَهَى الأُمَّةَ عن رَفْعِ أصواتِهِمْ فوقَ صوتِ النبيِّ، وعن الجَهْرِ له بالقول كجَهْرِ بَعْضِهِمْ لبعضٍ، وحثَّهم عَلَى غضِّ الصوتِ عنده فِي قوله تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ ٢ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصۡوَٰتَهُمۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمۡتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ لِلتَّقۡوَىٰۚ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٌ عَظِيمٌ [الحجرات: 2- 3].

ولأنَّ طُولَ القيامِ عند قبره، والإكثارَ من تكرارِ السلامِ يُفْضِي إلى الزِّحامِ وكثرةِ الضَّجِيجِ وارتفاعِ الأصواتِ عند قَبْرِهِ، وذلك يُخالِفُ مَا شَرَّعَهُ اللهُ للمسلمين فِي هَذِهِ الآياتِ المُحْكَمَاتِ.

وهو مُحْتَرَمٌ حَيًّا ومَيِّتًا، فلا ينبغي للمؤمنِ أن يَفْعَلَ عند قبره مَا يُخالِف الأدبَ الشرعيَّ، وهكذا مَا يَفْعَلُهُ بعضُ الزُّوَّارِ وغَيْرُهم مِنْ تَحَرِّي الدُّعَاءِ عند قَبْرِهِ مُسْتَقْبِلاً لِلْقَبْرِ، رافعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، فهذا كُلُّهُ خِلاَفُ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ الصالحُ مِنْ أصحابِ رَسُولِ اللهِ وأتباعِهِمْ بإحسانٍ، بل هو من البِدَعِ المُحدَثَاتِ، وقد قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]) أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد حسن.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).