وقال: «مَنْ
أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ» أخرجه
البخاري، ومسلم ([1])، وَفِي رواية
لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ» ([2]).
ورأى عليُّ بنُ
الحسينِ «زين العابدين» رضي الله عنهما رَجُلاً يَدْعُو عند قَبْرِ النبيِّ،
فنَهَاهُ عن ذَلِكَ وقال: ألاَّ أُحَدِّثُكَ حديثًا سَمِعْتُهُ من أبي عن جدي عن
رسول الله أَنَّهُ قال: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلاَ بُيُوتَكُمْ
قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيَنْمَا
كُنْتُمْ» ([3]) أخرجه الحافظ محمد
بن عبد الواحد المقدسي فِي كتابه «الأحاديث المختارة».
وهكذا مَا
يَفْعَلُهُ بَعْضُ الزُّوَّارِ عند السلامِ عَلَيْهِ مِنْ وَضْعِ يَمِينِهِ عَلَى
شِمَالِهِ فوق صَدْرِهِ أو تَحْتَهُ كهيئةِ المُصَلِّي، فهذه الهيئةُ لا تَجُوزُ
عند السَّلاَمِ عَلَيْهِ، ولا عِنْدَ السَّلاَمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمُلُوكِ
والزُّعَمَاءِ وغَيْرِهِمْ؛ لأنها هَيْئَةُ ذُلٍّ وخُضُوعٍ وعِبَادَةٍ لا تَصْلُحُ
إلاَّ لله؛ كَمَا حكى ذَلِكَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ رحمه الله فِي «الفتح» عن
الْعُلَمَاء، والأَمْرُ فِي ذَلِكَ جَلِيٌّ واضحٌ لِمَنْ تأمَّلَ المقام، وكان
هَدَفُهُ اتِّباعَ هَدْيِ السَّلَفِ الصالحِ.
وأمَّا مَنْ غَلَبَ
عَلَيْهِ التَّعَصُّبُ والهَوَى، والتَّقْلِيدُ الأَعْمَى، وسُوءُ الظَّنِّ
بالدُّعَاةِ إلى هَدْيِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، فأَمْرُهُ إلى اللهِ، ونسألُ اللهَ
لنا وله الهدايةَ والتوفيقَ لإيثارِ الحقِّ عَلَى مَا سِوَاهُ؛ إِنَّهُ سبحانه
خَيْرُ مَسْؤُولٍ.
وكذا مَا يَفْعَلُهُ بعضُ الناسِ من استقبالِ القَبْرِ الشريفِ مِنْ بَعِيدٍ، وتحريكِ شفتَيْهِ بالسلامِ أو الدعاءِ، فكلُّ هذا من جِنْسِ مَا قَبْلَهُ من
([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).