الله وقدره، ولا يتوكّلون على الله سبحانه
وتعالى ويُفرِطون في التشاؤم والتطيُّر وانتقالِ العدوى، ويعملون أعمالاً تُضحك.
فقوله صلى الله عليه وسلم:
«لا عَدْوَى» يعني: على ما كان يعتقده أهل الجاهلية، أما أنّ العدوى تحصُل
بإذن الله فهذا أمرٌ واقع، ولهذا نهى صلى الله عليه وسلم عن مخالطة المجذوم، ونهى
صلى الله عليه وسلم عن القدوم على الأرض المَوبُوءَة، ونهى من كان في أرض فيها
وباءٌ أن يخرج منها، لأن هذه أسبابٌ لانتشار المرض، والامتناعُ عنها أخذٌ بالأسباب
الواقية، والإقدامُ عليها إلقاءٌ إلى التَّهْلُكة، والله نهى عن ذلك، إلاَّ من
قَوِيَ إيمانُه وتوكُّلُه على الله تعالى؛ فهذا قد يُقْدِم على الوباء ويخالط
المرضى ولا يصاب، لأنه متوكِّلٌ على الله سبحانه وتعالى لكن هذا لا يكون إلاَّ
لأهل الإيمان القويّ، أما أهل الإيمان الضعيف فهؤلاء يبتعدون عن هذه المواطن لئلا
يُصابُوا، ثمّ تسوءُ عقيدتهم.
والإقدام على
محلاَّت الخطر من الإلقاء إلى التهلُكة، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا
تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، إلاَّ إذا كان
هناك مصلحةٌ راجحةٌ من الإقدام على هذه الأمور فيُقْدَم عليها، أما إذا لم يكن فيه
مصلحة راجحة فالأخذ بالأسباب الواقية أحسن، وإذا كان هناك مصلحة راجحة فالإقدام
أحسن، على حسب الأحوال.
وقوله: «وَلاَ طِيَرَةَ» هذا نفيٌ معناه النهيُ، يعني: لا تتطيّروا، وإن كان الإنسان يجد في نفسه شيئًا فلا يمنعُهُ ما يجد في نفسه من المُضيِّ والعَزم، لأن إيمانه يسوقه، بخلاف ضعيف الإيمان؛ فإن التشاؤم يتغلّب