×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

باب قول: اللهم اغفِر لي إن شئتَ

****

هذا الباب من جِنس الباب الذي قبله؛ لأنَّ الذي يدعُو الله تعالى يجِب أن يعزِم الدعاء، ولا يعلِّقه بالمشِيئة؛ لأنه إذا علَّقه بالمشِيئة تضمَّن ذلك أمرين:

الأمر الأوَّل: أنَّ هذا يدلُّ على فُتوره في طلب الدعاء من الله سبحانه وتعالى كأنه غنيٌّ عن الله، يقول: إن حصَل شيء وإلاَّ ما هو بلازم، فكأنه فاترٌ في طلبه، وكأنه غنيٌّ عن الله سبحانه وتعالى.

ولا شكَّ أنَّ العبد مفتقرٌ إلى الله جل وعلا في كُلِّ أحواله، لأنه فقيرٌ إلى الله، ولا ينظُر إلى ما عنده من الأسباب ومن الإمكانيَّات، فإنَّ هذه الإمكانيَّات يمكن أن تزول في لحظة، لا ينظُر إليها ولا يعتَمد عليها، فهو فقيرٌ إلى الله مهما كان، ولو كان من أكثر الناس مالاً وأولادًا ومُلكًا فهو فقيرٌ إلى الله في أن يُبقيَ عليه هذه النِّعمة وأن ينفَعه بها، وإلا فهي عُرضة للزَّوال في أسرع وقت. هذا معنى.

والأمر الثاني: كأنه يَرى بأن الله جل وعلا قد يُجيب الدعاء وهو كاره، فـ «إنْ شِئْتَ»؛ معناه: أنا لستُ ملزِمًا لك، أخشَى أن يشُقَّ عليك، لكن إن شِئتَ اغفِر لي وارحَمني، وهذا لا يلِيق بالله سبحانه وتعالى لأنه تنقُّص له. والله جل وعلا لا مُكْرِه له.

***


الشرح