باب قول
الله تعالى: ﴿أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ
ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [الأعراف:
99].
****
هذا الباب وضعه المصنف رحمه الله في «كتاب
التَّوحيد» لأن الأمن من مكر الله والقنوط من رحمته ينقِّصان التَّوحيد، ويُنافيان
كماله، وهذا الكتاب كله في موضوع التَّوحيد ومكمِّلاته وبيان مناقضاته ومنقِّصاته.
ومكر الله سبحانه
وتعالى هو: إيصال العقوبة إلى من يستحقُّها من حيث لا يشعر، وهو عدلٌ منه سبحانه
وتعالى والله تعالى يقول: ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ
ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ﴾ [آل عمران: 54]، وقال تعالى: ﴿وَمَكَرُواْ
مَكۡرٗا وَمَكَرۡنَا مَكۡرٗا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ﴾ [النمل: 50]؛ فالمكر في حق الله
سبحانه وتعالى عدل وجزاء يحمد عليه.
أما المكر من
المخلوقين فهو مذموم لأنه بغير حق.
والمكر من الله نظير
الاستهزاء: ﴿ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ
يَعۡمَهُونَ﴾ [البقرة: 15]، ونظير السخرية: ﴿فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ
سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ﴾ [التوبة: 79]، ونظير الكيد: ﴿إِنَّهُمۡ
يَكِيدُونَ كَيۡدٗا ١٥ وَأَكِيدُ كَيۡدٗا﴾ [الطارق: 15- 16]، ونظير النسيان في
مثل قوله: ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ﴾ [التوبة: 67].
فهذه أمور تُنسب إلى الله جل وعلا لأنها من باب المقابلة والجزاء، فهي عدلٌ منه سبحانه وتعالى حيث إنه ينزِّلها فيمن يستحقُّها، فهي عدلٌ منه سبحانه؛
الصفحة 1 / 482