باب
ما جاء في كثرة الحلف وقول الله تعالى: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ
أَيۡمَٰنَكُمۡۚ﴾ [المائدة:
89].
****
مناسبة هذا الباب
لكتاب التَّوحيد: أنَّ الاستهانة بالحلِف بالله تنقِّصُ التَّوحيد، كما أنَّ تعظيم الحلف
بالله من كمال التَّوحيد.
قوله: «بابُ ما جاء»
يعني: من الوعيد في حقِّ مَن كثُر حلِفُه.
والحلِف - كما سبق -
هو: تأكيد شيء بذكر معظَّم بأحد حروف القسم، التي هي: الواو والباء والتَّاء.
وكثرة الحلِف معناها
الإكثار مِنَ الأَيمان في كلِّ مناسبة، وقد يكونُ في غير داعٍ لليمين إلاَّ
التغريرَ بالنَّاس وخداعَ النَّاس كحالة المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَيَحۡلِفُونَ
عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [المجادلة: 14] وقال الله سبحانه
وتعالى: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ﴾ [القلم: 10]، والحلاَّف: كثيرُ
الحلف.
والله جل وعلا ذكر
ذلك من صفات المنافقين، فقال فيهم: ﴿وَلَيَحۡلِفُنَّ إِنۡ
أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ﴾ [التوبة: 107] قال تعالى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ
أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ﴾ [المجادلة: 16] يعني: سُتْرة
يتستَّرون بها أمامَ النَّاس ليصدِّقوهم، وكلَّما قلَّ الإيمان أو عُدِم الإيمان
في القلْب حصل التهاوُن باليمين والحلِف.
قال: «وقول الله تعالى: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ﴾ [المائدة: 89] » لَمَّا ذكر الله سبحانه وتعالى كفَّارة الأيمان في سورة المائدة في قولِه تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَيۡمَٰنَۖ فَكَفَّٰرَتُهُۥٓ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ أَهۡلِيكُمۡ أَوۡ كِسۡوَتُهُمۡ أَوۡ تَحۡرِيرُ رَقَبَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ
الصفحة 1 / 482