×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

باب ما جاء في كثرة الحلف وقول الله تعالى: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ [المائدة: 89].

****

مناسبة هذا الباب لكتاب التَّوحيد: أنَّ الاستهانة بالحلِف بالله تنقِّصُ التَّوحيد، كما أنَّ تعظيم الحلف بالله من كمال التَّوحيد.

قوله: «بابُ ما جاء» يعني: من الوعيد في حقِّ مَن كثُر حلِفُه.

والحلِف - كما سبق - هو: تأكيد شيء بذكر معظَّم بأحد حروف القسم، التي هي: الواو والباء والتَّاء.

وكثرة الحلِف معناها الإكثار مِنَ الأَيمان في كلِّ مناسبة، وقد يكونُ في غير داعٍ لليمين إلاَّ التغريرَ بالنَّاس وخداعَ النَّاس كحالة المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [المجادلة: 14] وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ [القلم: 10]، والحلاَّف: كثيرُ الحلف.

والله جل وعلا ذكر ذلك من صفات المنافقين، فقال فيهم: ﴿وَلَيَحۡلِفُنَّ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ [التوبة: 107] قال تعالى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ [المجادلة: 16] يعني: سُتْرة يتستَّرون بها أمامَ النَّاس ليصدِّقوهم، وكلَّما قلَّ الإيمان أو عُدِم الإيمان في القلْب حصل التهاوُن باليمين والحلِف.

قال: «وقول الله تعالى: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ [المائدة: 89] » لَمَّا ذكر الله سبحانه وتعالى كفَّارة الأيمان في سورة المائدة في قولِه تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَيۡمَٰنَۖ فَكَفَّٰرَتُهُۥٓ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ أَهۡلِيكُمۡ أَوۡ كِسۡوَتُهُمۡ أَوۡ تَحۡرِيرُ رَقَبَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ


الشرح