×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

 فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖۚ ذَٰلِكَ كَفَّٰرَةُ أَيۡمَٰنِكُمۡ إِذَا حَلَفۡتُمۡۚ وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ [المائدة: 89] جعل في اليمين الكفَّارة إذا حَنِثَ فيها وخالَفَها ممَّا يدلُّ على عظمتها؛ لأنَّ الكفَّارة لا تكون إلاَّ من ذنبٍ وقعَ فيه الإنسان؛ فنقضُ اليمين يحتاج إلى كفَّارة ممَّا يدلُّ على عِظَم اليمين.

ثم قال: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ ذكر العلماء عدَّة تفاسير لهذه اللَّفظة: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ على قولين:

القول الأوَّل: أنَّ معنى ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ، أي: لا تحلِفوا، نهيٌ عن الحلِف، فلا يخلِفُ الإنسان إلاَّ إذا دعت إلى ذلك حاجة، ويكونُ صادقًا في يمينِه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ فَلْيَصْدُقْ، وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ» ([1]).

فمعنى قوله تعالى: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚأمرٌ بحفظها يتضمَّن النَّهيَ عن الحلف إلاَّ إذا دعت إلى ذلك حاجةٌ، كأَنْ يطلب منه القاضي اليمين لخصمه، فإذا كان بارًّا وصادقًا فليحلف على نفي ما ادَّعاه عليه خصمُه، أو دعت حاجةٌ إلى اليمين ليُزيل شكوكًا حصلت لأخيه فيه، فيريد أن يبرئ نفسَه وأن يُزيل ما في نفس أخيه بأن يحلف له وهو بارٌّ في يمينِه فهذا لحاجة، أمَّا غير ذلك فإنَّه يحفظ يمينَه كما يحفظ دينَه.

والقول الثاني: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚأي: بالكفَّارة إذا حَنِثْتُم فاحفظوها، يعني: كفِّروا عنها، فالكفَّارة حفظٌ لليمين واحترامٌ لها.


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (2101)، والبيهقي رقم (21240).