بابُ من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما
أحلَّ الله أو تحليل ما حرَّمه الله فقد اتخذهم أربابًا
****
قال الشيخ رحمه الله: «من أطاع
العلماء والأمراء» هذا مبتدأ، وخبره قوله: «فقد اتَّخذهم من دون
الله»، وذلك لأن التحليل والتحريم حقٌّ لله سبحانه وتعالى لا يشاركه فيه أحد،
فمَن حلَّل أو حرَّم مِن غير دليلٍ مِن كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقد جعل نفسه شريكًا لله، ومَن أطاعه فقد أشركه بالله.
وهذا ما يسمى بشرك الطاعة، لأن العبادة معناها: طاعة الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره وترك نواهيه، ومِن ذلك: مسألة التحليل والتحريم، فهي داخلة في العبادة، بدليل قوله تعالى لَمَّا ذكر ما يفعله المشركون مِنِ استباحة ما حرَّمه الله من الميتة، الميتة حرَّمها وهم يستحلُّونها ويقولون: هي أولى بالأكل مِن المذَكَّاة؛ لأن المذكَّاة أنتم ذبحتموها، وأمَّا الميتة فإن الله هو الذي ذبحها، وكانوا تلقَّوا هذه المقالة من المجوس؛ فأنزل الله تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بَِٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ﴾ [الأنعام: 118] إلى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام: 121] أي: إنْ أطعتموهم في استباحة الميتة وخالفتم أمرَ الله سبحانه وتعالى بتركها ﴿إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام: 121] مع الله في التحليل والتحريم.
الصفحة 1 / 482