×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

باب قول الله تعالى:﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ [الأعراف: 180] الآية.

****

هذا الباب عقَده الشيخ رحمه الله في كتاب التَّوحيد من أجل بيان وجوب إثبات أسماء الله وصِفاته، ومن أجل أن يبيِّن التوسُّل المشروع والتوسُّل الممنوع؛ لأنَّ مسألة التوسُّل ضلَّ فيها خلقٌ كثير من قديم الزَّمان، فالمشركون يعبُدون غير الله ويسمُّون معبوداتهم وسائل إلى الله، فيقولون: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزُّمَر: 3]، قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، فهم لا يعبُدون هذه المعبودات لذاتها؛ لأنَّهم يعلمون أنَّها لا تخلُق ولا تَرزُق ولا تُحيِي ولا تُمِيت، وإنما زعَموا أنها تتوسَّط لهم عند الله عز وجل من باب الوسِيلة، فردَّ الله تعالى عليهم في القرآن، بأنَّ هذا التوسُّل وهذا العمل كُفرٌ وشِركٌ، وأنه لم يَشْرَعْهُ سبحانه وتعالى لعباده.

وجاء مِن بعدهم القُبورِيُّون والصوفيَّة ومِن قبلهم الرافضة والباطنيَّة كلُّهم نَحَوا هذا المَنْحى الذي نَحَاه المشركون، فصاروا يعبُدون الموتى، ويستغيثون بهم، ويدعُونهم من دون الله، ويذبَحون لهم، وينذُرون لهم، ويقولون: نحن نعلَم أنهم مخلوقون، وأنهم لا يخلُقون ولا يرزُقون، ولكنَّنا اتَّخَذناهم وسائل بيْننا وبين الله، ورُبما يحتجُّون بقوله تعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ [الإسراء: 57]، وبقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ [المائدة: 35]، فظنُّوا أنَّ الوسيلة التي أمر الله باتِّخاذها إليه أنها جعْل وسائط بينهم وبين الله.


الشرح