باب ما جاء في المصورين
****
هذا الباب عقده
المصنِّف رحمه الله في «كتاب التَّوحيد» لأنَّ التصوير سببٌ من أسباب
الشِّرك، ووسيلةٌ إلى الشِّرك الذي هو ضدُّ التَّوحيد، كما حدث لقوم نوح لَمَّا
صوَّروا صورَ الصالحين ونصبوها في مجالسهم وآلَ بهم الأمر إلى أنْ عبدوهم مِن دون
الله، فأوَّلُ شركٍ حصل في الأرض كان بسبب الصور وبسبب التَّصوير.
وكذلك قومُ إبراهيم
الذين بُعث إليهم الخليل عليه الصلاة والسلام كانوا يعبُدون التماثيل التي هي صور
مجسَّمةٌ، ولذلك بنوا إسرائيل عبدوا التمثال الذي هو على صورة عجل.
فدلَّ هذا: على أنَّ التصوير
سببٌ لحُدوث الشرك ووسيلةٌ إلى الشِّرك؛ وذلك أنه إذا صُنعت الصورة وعلِّقت أو
نُصبت للزُّعماء والصَّالحين والعلماء فإنَّها في النهاية تعظُّم، ثم الشيطان يأتي
النَّاس ويقول لهم: إنَّ هذه الصور فيها نفعٌ لكم، وفيها دفعُ ضرر، فيعظِّمونها
ويتبرَّكون بها، ويذبحون لها وينذرون لها، حتى تُصبح أوثانًا تُعبد من دون الله.
فلهذا السبب عقد
المصنِّف رحمه الله هذا الباب في «كتاب التَّوحيد»، لأنَّ هذا الكتاب في بيان
التَّوحيد وبيان الشرك ووسائل الشرك، ومن أعظم وسائل الشرك وأسبابِه التَّصوير.
فقوله رحمه الله: «باب ما جاء في المصوِّرين» يعني: مِن الوعيد الشديد والنَّهي والزَّجر عن ذلك.
الصفحة 1 / 482