عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الْحَلِفُ
مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ» ([1])
أخرجاه.
****
قال: «عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ:
«الْحَلِفُ...»» أي: اليمين.
«مَنْفَقَةٌ
لِلسِّلْعَةِ» أَيْ: مروِّجة للسِّلْعة وَسَببٌ لِنفَاقِهَا، وهو خُروجها من يد صاحبِها
إلى الزَّبائن؛ لأنَّ النَّفَاق، معناه: الخُروج، ومنه سُمِّيتِ النفَقَةُ نفقةً؛
لأَنَّها تَخْرُج من مُلك صاحبِها، ومنه سُمِّي المنافق منافِقًا لأنَّه يخرُج من
الدِّين.
فنَفاقُ السلع: رواجُها وخُروجها
من مُلكِ صاحبها بالبَيْع؛ لأنَّ النَّاس يصدِّقون صاحبها فيشترونَها، فإذا حلف أنَّ
هذه السلعة من النَّوع الجيِّد أو حلف أنَّ هذه السلعة سيمَت بكذا وكذا أو حلف
أنَّه اشتراها بكذا فإنَّ هذا سببٌ لأَِنْ يُصدِّقَه النَّاس وأن يشتَرُوها منه؛
لأنَّ المسلمين يعظِّمون اليمين، فيُحسنون الظنَّ بهذا الحالف ويثقون به، ويقولون
لولا أنَّه صادقٌ لَمَا حلف، فيقبَلون ما يقول ويعملون به، فيكونُ ذلك سببًا لرواج
سلعه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ» الْمَحْقُ معناه: الإزالة، أي: أنَّ اليمين تُزيل الكسْبَ إمَّا بأن تُزيل البركة منه، ولو بقي ولا ينتفِع به صاحبُه، وإمَّا بأن تُزيل أصلَ المال بالتلَف والآفات، فلا يبقى عنده هذا الكسب بل يمحقُه الله كما قال تعالى: ﴿يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ﴾ [البقرة: 276] فالمحق قد يكونُ معنويًّا بمعنى محْقِ البركة من المال، فلا يكونُ مبارَكًا على صاحبه ولا ينتفع به ولا يتصدّق منه.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1981)، ومسلم رقم (1606).