×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ» ([1]) أخرجاه.

****

قوله صلى الله عليه وسلم: «لا عَدْوَى» المراد بالعدوى: انتقالُ المرض من شخص إلى شخص، أو من بهيمة إلى بهيمة، أو من مكان إلى مكان. هذه العدوى.

والمرض يتعدّى من محلٍّ إلى محلٍّ، ويتعدّى من المريض إلى السليم، ويتعدّى من الجربى إلى الصحيحة، هذا شيءٌ موجود.

والرسول صلى الله عليه وسلم لا ينفي هذا، وإنما ينفي العدوى التي كان يعتقدها أهل الجاهلية من أنّ المرض يتعدّى بنفسه بدون تقدير الله سبحانه وتعالى فالعدوى وهي: انتقال المرض من محلٍّ إلى محلٍّ بسبب قرب الصحيح من المريض، والمسبِّب لها هو الله تعالى، فقد يقرُب الصحيح من المريض ولا يصيبه شيء، وقد يقرُب ويُصاب، والسبب: أن هذا راجعٌ إلى الله، إن شاء سبحانه وتعالى انتقل هذا المرض، وإن شاء لم ينتقل، فمجرّد مقاربة المريض أو القدوم على المحلِّ المَوبوءِ هذا سبب، أما التأثُّر فهو بيد الله سبحانه وتعالى فقد يدخل الإنسان في الأرض الموبوءة ولا يُصاب، وقد يُورَد المُمرَض على المُصِحّ ولا يُصاب، قد ينام المريض بجانب المُصِحّ ولا يصاب، وقد يُصاب، فما وجه التفريق بين الحالتين؟ وجه التفريق: أن هذا راجعٌ إلى مشيئة الله تعالى.

أما أهل الجاهلية فلا يفرِّقون، بل عندهم: أن كل من قارب المرض - أو كل من قارب المريض - أنه يُصاب، ولا ينسبون هذا إلى قضاء


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5380)، ومسلم رقم (2222).