فهذا ردٌ عليهم: ﴿قَالُواْ
طَٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ﴾ أي: ما أصابكم من شرٍّ فإنما سببُه أفعالُكم القبيحة؛ فهذا
فيه: بيانُ أن الشرّ والشؤم سببُه المعاصي، والكفر، والشرك بالله.
وكذلك المشركون
تطيّروا بمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل وأفضل الرسل، تطيّروا به، كما قال
تعالى: ﴿وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ
وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ﴾ [النساء: 78] يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم، ﴿تُصِبۡهُمۡ
حَسَنَةٞ﴾ يعني: خيرٌ وخصْب، ونبات وزروع وخيرات، يقولون: هذه من عند الله، نعم،
صحيح أنها من عند الله، الله هو الذي أنزلها، ﴿وَإِن
تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ﴾: قحطٌ، جدْب، شُحٌّ في الأرزاق؛ ﴿يَقُولُواْ
هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ﴾ بسببك يا محمد،
وبسبب أتباعك، ﴿قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ﴾ كلٌّ بقضاء الله
وقدره، الخصْب والخيرات، والجدْب والقحط كلُّه من عند الله وبقضائه وقدره، ولكن
الخصْب والخيرات سببها الطاعات، وأما الجدْب والقَحْط وانحباس الأمطار فسببه
المعاصي والسيّئات، فالسبب من قِبل بني آدم وأما المقدِّر فهو الله تعالى، هو
الخالق، وهو المُوجِد سبحانه وتعالى ويُعطي كلًّا على حسب عمله؛ المحسِن يحسن
إليه، والمسيء يعاقبه إذا شاء سبحانه وتعالى فالأمر كله بيد الله.
فالحاصل؛ أن
التطيُّر عادةٌ جاهلية، ذكرها الله سبحانه وتعالى عن الأمم الكافرة من قوم فرعون،
وثمود، وأصحاب ياسين، وأهل الجاهلية الذين بُعث إليهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولم يؤمنوا به، بل تطيّروا به.
وهذه العادة الجاهلية لا تزال في النّاس إلى أن تقوم الساعة.