×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

 قلبه، بل يَزِيغ ويبقى على زيغه وضلاله وعقوبةً له: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ يعني: وأصرّوا على الكفر، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ٦ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ [البقرة: 6-7] لأنهم لم يقبلوا الهداية من أول الأمر، فلما لم يقبلوا الهدايةَ من أول الأمر عاقبهم الله بالحرمان، ﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ [الأنعام: 110]، فالذي يتبيّن له الخير والهدى والإيمان ولم يقبل، بل يستمر على ما هو عليه من الطغيان والكفر والعناد؛ فإنه يُعاقَب بفساد قلبه - والعياذ بالله - وعدمِ هداية قلبه ﴿وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ [التوبة: 24].

وهذه الآية: ﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ [التوبة: 24] يقول المفسِّرون: إنها نزلت في قوم من المسلمين كانوا في مكَّةَ، ولَمَّا هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابُهُ إلى المدينة لم يهاجروا؛ لأنهم آثروا أن يَبقَوْا في مكة حفاظًا على أموالِهِمْ وعلى مساكنهم وعلى أقاربهم، فهم قدّمُوا محبةَ هذه الأشياء على محبة الله ورسوله، فالله تَوعّدَهم.

ويُروى: أنهم لَمّا أرادوا الهجرة تعلّق بهم أقاربُهم وقالوا: كيف تدعوننا؟ ولمن تدعوننا؟ تعلّقوا بهم، فَرَقُّوا لهم ورحموهم، فأقاموا في مكة وتركوا الهجرة إيثارًا لهذه الأشياء، فالله وبَّخهم وتوعّدهم، لأن الواجب عليهم أن يهاجروا، وأن يُقدِّموا الهجرة إلى الله ورسوله على هذه الأشياء كما فعل ذلك المهاجرون الذين قال الله تعالى فيهم:


الشرح