عن
أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى
أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»
أخرجاه ([1]).
****
إن كانت هذه الأشياء ﴿أَحَبَّ
إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ﴾ ﴿أَحَبَّ﴾ يدل على أن محبة هذه
الأشياء في الأصل لا حرج فيها، فالإنسان يحب والده، ويحب ولده، ويحب أخاه، ويحب
قبيلته، ويحب ماله، ويحب تجارته، ويحب مسكنه. فأصل المحبة لهذه الأشياء مباحٌ؛
لأنه من المحبة الطبيعية، لكن إنما يأتي اللّومُ إذا قَدَّمَ محبةَ هذه الأشياء
على محبة الله فأخَّرتْهُ هذه الأشياءُ عن طاعة الله ورسوله، وعن الهجرة إلى الله
ورسوله.
قوله: «وعن أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ
أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»» وذلك
أنه بعد محبة الله تأتي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فالأولى: محبة الله عز
وجل وهي محبة عبادة، وهي الأصل والقاعدة، أما محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فهي
تابعةٌ لمحبة الله عز وجل تأتي بعد محبة الله.
وقوله: «لاَ يُؤْمِنُ
أَحَدُكُمْ» ليس نفيًا لأصل الإيمان، وإنما هو نفيٌ لكمال الإيمان، أي: لا
يكمُلُ إيمانُ أحدِكم.
وإذا كان الإنسان لا يحب الرسول صلى الله عليه وسلم أصلاً، بل يبغض الرسول؛ فهذا كافر، أما الذي يحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه يقدِّم محبة ولده ووالده على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا ناقصُ الإيمان، بل لا يكمُل إيمان
([1])أخرجه: البخاري رقم (14)، ومسلم رقم (44).