كأنهم توعَّدوه بآلهتهم ومعبوداتهم أن تصيبه،
فهذا ردٌّ عليهم، كيف لا تخافون من الله وأنتم تهدِّدونني بأن أخاف من معبوداتكم
التي لا تُغني عنِّي شيئًا، ﴿فَأَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ
أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ هل هو أنا الذي أعبد
الله وحده لا شريك له، أو أنتم الذين أشركتم؟
ثمَّ ذكر الله الحكم
في ذلك فقال: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ
أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82] والظلم معناه هنا:
الشرك، فبيَّن أنَّ الأمن إنما يحصل لأهل التَّوحيد، وأما المشركون فليس
لهم أمن، وليس لهم إلاَّ العذاب، هذا حكم من الله سبحانه وتعالى.
وكما ذكر الله عن
نبيه هود أنَّ قومه قالوا: ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا
ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۗ﴾ [هود: 54]، يخوِّفون هودًا لَمَّا دعا إلى التَّوحيد وترك عبادة الأصنام يخوِّفونه
بالأصنام أن تُصيبه ويهدِّدونه بها ﴿إِن
نَّقُولُ إِلَّا ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۗ قَالَ إِنِّيٓ أُشۡهِدُ ٱللَّهَ وَٱشۡهَدُوٓاْ أَنِّي بَرِيٓءٞ
مِّمَّا تُشۡرِكُونَ ٥٤ مِن
دُونِهِۦۖ فَكِيدُونِي جَمِيعٗا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ﴾ [هود: 54- 55] هذا تحدٍّ من فردٍ
واحد يتحدَّى أمة كاملة، وهذا من المعجزات.
ثمَّ قال: ﴿إِنِّي
تَوَكَّلۡتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمۚ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ
ءَاخِذُۢ بِنَاصِيَتِهَآۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [هود: 56] أعلن البراءة منها،
وتحدَّاها وتحدَّى جميع الأمة التي تعبدها أن تكيده، وأن تصل إليه بسوء فلا
يستطيعون، ثمَّ علَّل ذلك بقوله: ﴿إِنِّي
تَوَكَّلۡتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمۚ﴾ [هود: 56].