وكذلك المشركون قالوا لنبينا محمد صلى الله عليه
وسلم ما ذكره الله عنهم بقوله: ﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ
عَبۡدَهُۥۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ﴾ [الزُّمَر: 36]، فالمشركون يخوِّفون
الرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ
عَبۡدَهُۥۖ﴾.
فهذا النوع من الخوف
يسمَّى: خوف السر، وهو خوف العبادة، بأن يخاف من المعبودات التي تُعبد من دون الله
عز وجل فالمؤمن لا يخاف هذه المعبودات أبدًا، لا يخاف من الأصنام، لا يخاف من
القبور والأضرحة التي تُعبد من دون الله، لا يخاف من الشياطين والجن أن تصيبه
إلاَّ بإذن الله سبحانه وتعالى وكذلك الخوف من كل مخلوق أن يصيبه بما لا يقدر عليه
إلا الله سبحانه وتعالى من الإصابة بالمرض، أو قطع الرزق، أو غير ذلك.
والآن عُباد القبور
يهددون النَّاس بهذه الأضرحة، ويقولون: الولي الفلاني يصيب مَن لم يخضع له ويعبده،
يصيبه في نفسه أو في ولده، ثمَّ الجهال ينخدعون بهذا التخويف، ويتقرَّبون إلى هذه
القبور وهذه الأضرحة بما يُطلب منهم، وغرض عُبَّاد القبور والسَّدَنة: أكل أموال
النَّاس بالباطل، يهدِّدون النَّاس إذا لم ينذروا لهذه القبور ولم يقرِّبوا لها
شيئًا من الأموال، فإنها تُصيبُهم، أو تُصيب زروعَهم، أو تُصيب حروثَهم، أو
أولادَهم، ثمَّ الجهال يتقرَّبون إلى هذه الأضرحة بأموالهم، ثمَّ يأخذها هؤلاء
السدنة وهؤلاء القائمون على هذه الأوثان ويقتسمون هذه الأموال، فالشر باقٍ من قديم
الزمان إلى آخر الزمان، وطريقة المشركين واحدة.
وأما أهل الإيمان فإنهم لا يخافون إلاَّ الله تعالى؛ لأنه هو الذي يملك النفع والضر، وهو الذي بيده الأمور، وأنه لا يصيب المؤمن