ذنوبهم، أما الكفار وغيرهم فإنهم عبيد، نواصيهم
بيد الله سبحانه وتعالى هو الذي يسلِّطهم، وهو الذي يكفُّهم سبحانه وتعالى فنحن لا
نخاف من الكفار، وإنما نخاف من الله، ونخاف من عواقب الذنوب، فإذا خِفْنا الله
وأصلحنا أعمالنا فإنَّ أحدًا لن يضرَّنا إلاَّ بإذن الله سبحانه وتعالى.
وليس معنى ذلك: أن
المسلمين لا يخافون من شر الكفَّار ويتركون الأخذ بالأسباب الواقية، بل عليهم أن
يستعدوا بالسلاح والقوَّة والعُدَّة التي يُرهبون بها عدو الله وعدوهم، قال تعالى ﴿وَأَعِدُّواْ
لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ
وَعَدُوَّكُمۡ﴾ [الأنفال: 60] وأمر الله المسلمين في صلاة الخوف أن يحملوا معهم
السلاح وهم في الصلاة، من أجل أن يدافعوا عن أنفسهم: ﴿وَإِذَا
كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم
مَّعَكَ وَلۡيَأۡخُذُوٓاْ أَسۡلِحَتَهُمۡۖ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلۡيَكُونُواْ مِن
وَرَآئِكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ
مَعَكَ وَلۡيَأۡخُذُواْ حِذۡرَهُمۡ وَأَسۡلِحَتَهُمۡۗ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ
لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَيَمِيلُونَ عَلَيۡكُم
مَّيۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ﴾ [النساء: 102]، وقال تعالى: ﴿وَخُذُواْ
حِذۡرَكُمۡۗ﴾ فالحِذْر وإعداد العُدَّة للعدو أمرٌ مطلوب، إنما الممنوع: أن نخافهم الخوف
الذي يمنعنا من الجهاد في سبيل الله ومن الدعوة إلى الله، هذا هو الممنوع.
والشاهد من الآية: ﴿فَلَا
تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ﴾ نهى عن خوف الكفَّار وأولياء الشيطان خوفًا يمنع من
الدعوة والجهاد في سبيل الله، والقيام بواجبات الدين، وأمر بخوفه سبحانه وتعالى.
فدلَّ على أن الخوف عبادةٌ عظيمة، يجب أن تُخلص لله عز وجل.