يقال كان فيها حينذاك قبيلة يقال لها: العماليق،
كانوا شِدادًا في خلقهم أقوياء، ﴿وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا
حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا﴾ [المائدة: 22] إذا خرجوا منها فليس
لكم فضل، هذا منتهى المهانة ومنتهى السُّخرية، ليسوا بخارجين إلاَّ بالجهاد
والجِلاد استشهادًا في سبيل الله.
﴿قَالَ
رَجُلَانِ﴾ يعني: من بني إسرائيل من أهل الرأي والإيمان والعزيمة.
﴿مِنَ
ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ يخافون الله سبحانه وتعالى.
﴿أَنۡعَمَ
ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا﴾ أنعم الله عليهما بالإيمان والعزيمة الصادقة.
﴿ٱدۡخُلُواْ
عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ﴾ يعني: اعزموا واهجموا عليهم حتى يروا منكم القوة، فإذا
رأوا منكم القوة فإنهم يخرجون.
﴿فَإِذَا
دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ﴾ لا شك أنه إذا حصل
هجوم صحيح ودُخل عليهم الباب أنه سيقع الرعب في قلوبهم ويخرجون منها، لكن
هذا لا يكون إلاَّ من أهل الإيمان وأهل الصدق والعزيمة والبأس كما في رجال محمد صلى
الله عليه وسلم الذين كانوا يجاهدون ويهجمون على الكفار ويقتحمون الأبواب
ويخاطِرون بأنفسهم.
وأيضًا فإنه لا يكفي دخول الباب، بل﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [المائدة: 23] فهذا لا يحصل إلاَّ بالعزيمة الصادقة، والإقدام في سبيل الله، وتقديم النفس في سبيل الله، مع التوكُّل على الله وعدم الاعتماد على القوة، بل يعتمد على الله مع الأخذ بالقوة المناسبة.