وقول
الله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ
إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا﴾ [هود: 15] الآية.
****
قوله: «وقول الله
تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا﴾ [هود: 15] » أي: من كان يقصد
بعمل الآخرة عرض الدنيا.
﴿وَزِينَتَهَا﴾ [هود: 15] زينة الدنيا وهي
المال والولد، كما قال تعالى: ﴿ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ
زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ﴾ [الكهف: 46].
﴿نُوَفِّ
إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا﴾ [هود: 15] هذا جواب الشرط، أي:
نُعطِهِ مِن الدُّنيا ما أراد وما قصد إذا شئنا ذلك، استدراجًا له،
ومعاملةً له بما قصد؛ كما في قوله تعالى: ﴿عَجَّلۡنَا
لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ﴾ [الإسراء: 18].
﴿وَهُمۡ
فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ﴾ [هود: 15]: لا يُنقصون.
﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ﴾ [هود: 16] بيان لعاقبتهم؛ حيث
ذكر أنهم يُعطَون في الدنيا ما أرادوا وما طلبوا، وأما في الآخرة فإنهم يُحْرَمون
مِن الثواب؛ لأنهم لم يريدوا الآخرة، والآخرة إنما تحصُل لِمَنْ أرادها:
﴿وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ
فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا﴾ [الإسراء: 19].
﴿وَحَبِطَ
مَا صَنَعُواْ فِيهَا﴾ [هود: 16] حبط في الآخرة ما صنعوه في الدنيا.
﴿وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأعراف: 139] في الدنيا، فالبُطلان يكون في الدنيا، والحُبوط يكون في الآخرة، في الدنيا أعمالهم باطلة لأنها بدون قصدٍ خالصٍ لوجه الله، فإذا جاءت الآخرة حبِطتْ أعمالهم، والحَبَط في اللغة: انتفاخ الشيء، ومنه: انتفاخ البعير، إذا أكل مِن أول الربيع فإنه ينتفخ ويموت، هذا الحَبْط.