وهذا لجهلهم، أو
لتجرُّئهم على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يخالف أهواءهم ويخالف
عقولهم.
يا سبحان الله! كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخضع للعقول، إذًا فالذي يؤمن بالرسول صلى الله
عليه وسلم أن يقدِّم قوله ويعتقده ويعمل به بدون مناقشة، وبدون جدال: ﴿وَمَا
كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن
يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ﴾ [الأحزاب: 36].
ومن معنى شهادة
أَنَّ محمدًا رسول الله: تصديقه فيما أخبر، فمَنْ لم يصدِّق ما أخبر به ويُخضعه
لهواه، ويُخضعه لقواعده المنطقية أو العقلية أو العلم الحديث - كما يسمُّونه -؛
فهذا كأنه لم يؤمن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأمر خطيرٌ جدًّا، مع
العلم أن النص لا يخالف العقل الصريح، فإن اختلفا ففي أحدهما خلل، كما قال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقوله: «يذهبون إلى
رأي سفيان» يعني: يتركون ما صحَّ به الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويذهبون إلى رأي سفيان، وهو الإمام الجليل الفقيه الزاهد المتقن، سفيان بن سعيد
الثوري، كان فقيهًا، محدِّثًا، وله اجتهاد، وله مذهب في الفقه، لكنه انقرض بسبب
أنه لم يكن له أتباع يحفظونه ويتدارسونه كما كان للأئمة الأربعة أتباع، وقد نقل
كثير من مذهبه في موسوعات الفقه، كـ «المغني»، وكـ «المحلَّى» لابن حزم، وكتب
التفسير، وشروح الحديث، يأتي فيها رأي لسفيان دائمًا، لأنه إمامٌ مجتهد، وله باعٌ
طويلٌ في الفقه والحديث والتفسير رحمه الله.