وقال
أحمد بن حنبل: «عجبتُ لقوم عرفوا الإسناد وصحَّته يذهبون إلى رأي سفيان، والله
تعالى يقول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ
فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
****
قوله: «وقال أحمد»
هو: الإمام أحمد بن حنبل، إمام أهل السنَّة، الصابر على المحنة.
قال رحمه الله: «عجبت» تعجُّب
استنكار.
«لقوم عرفوا الإسناد
وصحَّته» يعني: عندهم علم بالأدلَّة، والإسناد هو: سلسلة الرُّواة الذين
يروون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ لَدُن الراوي إلى الرسول صلى
الله عليه وسلم، سواءٌ قصُر السند أو طال، وهو ما يسمى بالعالي والنازل.
والإسناد يحتاج إلى
دراسة لمعرفة رُواته مِن حيث الثقة والحفظ والإتقان، وعدم ذلك، فإذا توافر في رجال
السند الضبط والحفظ والإتقان والعدالة فهو صحيح، وإن نقص شيءٌ من ذلك نزل عن درجة
الصحيح إلى الحسن أو إلى الضعيف.
والعلماء هم الذين
يميِّزون ذلك ويعرفونه، فالذين بلغوا من العلم بحيث إنهم يعرفون صحَّة الإسناد إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم يجب عليهم الأخذ بالدليل؛ لأن صحة الإسناد
تدلُّ على صحة المسْنَد، فصحة السند تدلُّ على صحة المتن.
وفي هذا ردٌّ على بعض المتشدِّقين مِنْ بعض العصْريِّين العقلانيِّين الذين يقولون: حتَّى لو صحَّ الإسناد فهذا لا يدلُّ على صحَّة المتن، وينتقدون أحاديث في «صحيح البخاري» صحَّتْ أسانيدها.