فإذا كان ابن عَبَّاس
يُنكر على مَن أخذ برأي الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر، لأنه اجتهاد مخالف للنص،
وأن ذلك يوجِب العقوبة، فكيف بطاعة العلماء والأمراء في التحليل والتحريم من غير
دليل؟
هذا أشد.
وهذا مما يدل على
وجوب احترام سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنها هي المنتهى بعد كتاب الله عز
وجل وأنه إذا حصل اجتهاد مِن المجتهدين يجب عرضه على كتاب الله وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم، فما قام عليه الدليل أخذناه، وما خالف الدليل تركناه، وإِنْ كان
قائله مِن أفضل الناس، كأبي بكر وعمر، فضلاً عن غيرهما.
والاجتهاد سائغ، وهو
«استنباط الأحكام مِنَ الأدلة الشرعية فيما لا نصَّ فيه»، ولكن عند التطبيق لا
يجوز لنا أن نأخذ إلا ما قام عليه الدليل من أقوال أهل العلم، فلا يجوز لنا أن
نأخذ ما خالف الدليل إمَّا تعصُّبًا لصاحبه، وإما لأنه يوافق أهواءنا، ويوافِق
رغباتنا، بل المدار على الكتاب والسنَّة: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
والعامي يسأل أهل العلم، ويأخذ بقولهم، لقوله تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43].