بالصحابي أحدًا ممَّن جاء بعده، وأما مَن بعد
الصَّحابة فيقول: «نحن رجال وهم رجال»، يعني: متساوين في المدارك والعلم.
هذه مقالاتهم تدلُّ
على أن الواجب هو الأخذ بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن اجتهادات
العلماء يُستفاد منها وتُدْرَس، ولكن إذا خالف الدليل شيءٌ منها فيجب الأخذ
بالدليل، ولا يجوز التعصُّب لقائله، فإن تعصَّب أحدٌ لقولٍ يخالف الدليل وقع في
هذا المحظور، وصار من الذين اتَّخذوا أحبارهم ورُهبانهم أربابًا مِن دون الله.
ونحن لا نرفض الفقه
كما يظن بعض الجهال أو بعض المبتدئين، بل نعتبره ثروة عظيمة، فيها علمٌ غزير،
فندرسُ الفقه ولكن لا نأخذ منه إلا ما قام دليله، وما علمنا أنه خلاف الدليل حرُم
علينا الأخذ به، مع اعتذارنا لقائله، واحترامه، لأنه لم يتعمَّدِ المخالفة،
والمجتهد يخطئ ويصيب، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور،
كما صحَّ بذلك الحديث.
والناس على أربعة
أقسام:
القسم الأول: مَن يستطيع الاجتهاد
المطلق بأن يأخذ من الكتاب والسنَّة ويستنبط من الكتاب والسنَّة ولا يقلِّد
أحدًا.
وهذا أعلى الطبقات، ولكن هذا إنما يكون لمن توافرت فيه شروط الاجتهاد المعروفة، بأن يكون عالـمًا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون عالمـًـا بلغة العرب التي نزل بها القرآن، وأن يكون عالـمًا بالمحكم والمتشابه وبالناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيَّد، والخاص