والعام، يكون عنده
معرفة بمدارك الاستنباط، أعني: لديه مؤهِّلات، فهذا يجتهد، وهذا الصنف كالأئمة
الأربعة: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وسفيان الثوري، والأوزاعي، هؤلاء
أعطاهم الله مَلَكة الاجتهاد.
الصنف الثاني: من لا
يستطيع الاجتهاد المطلَق، ولكنه يستطيع الترجيح بين أقوال أهل العلم بأن يعرف ما
يقوم عليه الدليل وما لا يقوم عليه الدليل من أقوالهم.
فهذا يجب عليه الأخذ
بما قام عليه الدليل وترك ما خالف الدليل.
الصنف الثالث: مَن
لا يستطيع الترجيح.
فهذا يُعتبر مَن
المقلدِّين، ولكن إذا عرف أنَّ قولاً من الأقوال ليس عليه دليل فلا يأخذ به، أما
ما دام لا يعرف ولم يتبيَّن له مخالفة، فلا بأس أن يقلِّد ويأخُذ بأقوال أهل
العلم.
والصنف الرابع: مَن
لا يستطيع الأمور الثلاثة: لا الاجتهاد المطلق، ولا الترجيح، ولا التقليد المذهبي
كالعامي - مثلاً -.
فهذا يجب عليه أن
يسأل أهل العلم؛ كما قال الله تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ
إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، فيسأل أوثق مَن
يرى، ومَن يطمئن إليه مِن أهل العلم، ممَّن يثقُ بعلمه وعمله ويأخذ بفتواه.
هذه أقسام الناس في
هذا الأمر.
ومن هنا علِمنا أن
الأمر ليس بمتروك ومُفْلَت، كل واحد ينصب نفسه منصب الأئمة ومنصب المجتهدين،
ويغلِّط العلماء، ويرجِّح مِن غير علم، هذا لا يجوز.