أو يزهِّد في الفقه
وأقوال الفقهاء، ويعتبرها شيئًا مرفوضًا، وهذا ليس مِن آداب طلبة العلم المريدين
للحق.
والواجب على
الإنسان: أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ نفسه، فلا يجعل نفسه في مكانة أعلى مما تستحقُّها،
بل الأمر أخطر مِن ذلك وهو أن يخاف مِن الله سبحانه وتعالى لأن الأمر أمر تحليل
وتحريم وجنة ونار، فلا يورِّطْ نفسه في أمور لا يُحسن الخروج منها.
والمجتهد إذا
توفَّرت فيه شروط الاجتهاد فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد، لأنه يريد
الحق، ولكنه لم يستطع الوصول إليه بعد بذْل مجهوده، بذَل مجهوده وتحرَّى الحق ولم
يصل إليه، فهو معذور، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ
فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ»
([1])، لكن مع كونه
معذورًا ومأجورًا في الخطأ لا يجوز لنا أن نأخذ بقول نرى أنه خطأ، بل يجب علينا أن
نأخذ بالقول الصواب، سواء كان هذا القول الصواب في المذهب الذي نقلِّده، أو في
مذهب آخر، هذا هو طريق أهل الحق، أنهم لا يقلِّدون على خطأ، بل يأخذون ما ترجَّح
بالدليل ولو لم يكن عليه إمامهم.
ولهذا - ولله الحمد - إمام هذه الدعوة ومؤلِّف هذا الكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب وتلاميذه ومَن جاء بعده مِن علماء هذه البلاد ينهجون هذا المنهج، ويقولون: نحن حنابلة، ولكن ليس معنى هذا أننا نأخذ كل ما في المذهب الحنبلي بدون تمحيص، بل إذا قام الدليل على
([1])أخرجه: البخاري رقم (6919)، ومسلم رقم (1716).