قول من الأقوال أخذنا به ولو لم يكن في المذهب
الحنبليِّ، كالمذهب المالكيِّ، أو المذهب الشافعيِّ، أو المذهب الحنفيِّ؛ لأننا
ننشُد الدليل، ولا يمنع هذا أن يكون الإنسان حنبليًّا وإذا أخذ بقول قام عليه
الدليل يخالف قول ابنِ حنبل، لا يمنع أن يكون حنبليًّا، لأن إمامه أرشده إلى هذا،
فقال له: خذ ما قام عليه الدليل، ولا تقلِّدني على خطأ، كلُّ الأئمة يقولون هذا، ما
أحد منهم ادَّعى العصمة أو ادَّعى الكمال أو قال للناس لا تخالِفوا مذهبي أبدًا،
بل هم يحذِّرون مِن هذا، فأنت إذا أخذت بالدليل فإنك موافِقٌ لإمامك الذي تقلِّده،
أما إذا أخذت الخطأ فأنت مخالفٌ لإمامك وإن كنت تزعُم التعصُّب له.
فهذه مسألة يجب
علينا أَنْ نَهْتَمَّ بها، فنتجنَّبَ الإفراط والتفريط، لا نكون مع الذين يرفضون
الفقه، ويقولون: هذه أقوال رجال، فيضيعون، فلا هم الذين أخذوا بالفقه، ولا هم
الذين يُحسنون الاستنباط والاستدلال، فضاعوا.
ولا نحن مع الذين
يقلِّدون تقليدًا أعمى، ويتعصَّبون لمذاهبهم، ويأخذون بقول إمامهم، ولو خالف
الحديث، ويقول: آخذ بقول إمامي أعلم بالحديث؟ فهذان على طرفي نقيض.
والصواب الوسط، أننا
نأخذ بالفقه، ونأخذ بأقوال الأئمة، وندرُس الفقه، لأن دراسته طريقٌ إلى معرفة
الحق، ولكن لا نقلِّد تقليدًا أعمى، وإنما نميِّز بين الأقوال التي عليها دليل
والتي ليس عليها دليل، وإذا كنا لا نعرف هذا علينا أن نسأل أهل العلم عن ذلك.