بلِ التحاكُم في المقالات والاجتهادات الفقهيّة
أيضًا، فلا بدّ أن نحكِّم كتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقوال
المجتهدين، ونأخذ منها ما دلّ عليه الدليل، ونترك ما لم يدلَّ عليه دليلٌ، ولا
نتعصّب لرأي فُلان أو للإمام فُلان، فمن تعصّب لم يكن متحاكمًا إلى ما أنزل الله
وإلى الرسول، وإنما تحاكم إلى هذا الشخص الذي تعصّب له وجَمَد على رأيه - مع
مخالفته - وهو اجتهاد اجتهد فيه، لكن إذا خالف الدليل فلا يجوز لنا أن نتعصّب لرأي
إمام أو لرأي عالم أو لرأي مُفتٍ من المُفتِين ونحنُ نعلم أنّه مخالِفٌ للدّليل،
لكن ذلك العالم معذور لأنّه مجتهِد، ولكنّه لم يصادفِ الدّليل، فهو معذور له أجرٌ
على ذلك؛ لأنّ هذا منتهى اجتهادِه، أما مَن تبيّن له أن هذا الاجتهاد غير مطابِق
للدّليل فلا يسعُه أن يأخذ بهذا الاجتهاد، ولا يجوز له.
والأئمّة ينهون عن
ذلك، ينهوننا أن نأخُذ بآرائهم دون نظرٍ إلى مستندها من كتاب الله وسنّة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وإلا كنا - كما سبق في الباب الذي قبل هذا - أطعنا العلماء
والأمراء في تحريم ما أحلّ الله وتحليل ما حرّم الله.
وكذلك التحاكُم في المناهِج التي يسمّونها الآن: مناهج الدّعوة، ومناهج الجماعات - من هذا الباب، يجب أن نحكِّم فيها كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم فما كان منها متمشِّيًا مع الكتاب والسنّة فهو منهجٌ صحيح يجب السّير عليه، وما كان مخالِفًا لكتاب الله وسنّة رسوله يجب أن نرفُضه وأن نبتعد عنه.