ولا نتعصّب لجماعة
أو لحزب أو لمنهج دَعَوِيّ ونحنُ نرى أنه مخالِف لكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله
عليه وسلم.
فالذي يَقْصُر هذا التحاكُم
إلى الكتاب والسنّة على المحاكم الشرعيّة فقط غالِط؛ لأن المراد التحاكُم في جميع
الأمور وجميع المنازَعات: في الخُصومات، وفي الحُقوق المالية وغيرها، وفي أقوال
المجتهدين وأقوال الفقهاء، وفي المناهج الدّعويّة، والمناهج الجماعيّة؛ لأن الله
تعالى يقول: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ
مِن شَيۡءٖ﴾ [الشورى: 10] و﴿شَيۡءٖ﴾ نكِرة في سياق النفي، فتعتمّ كلَّ نِزاع
وكلَّ خِلاف، سواءً في الخُصومات، أو في المذاهب، أو في المناهِج.
يجب أن نعرف هذا؛
لأن بعض الناس وبعض المنتسبين للدّعوة يَقْصُر هذا على التحاكُم في المنازعات والخُصومات
إلى المحاكِم الشرعية، ويقول: يجب تحكيم الشريعة ونَبْذ القوانين، نعم، يجب هذا،
ولكن لا يجوز الاقتصار عليه، بل لا بُدّ أن يتعدّى إلى الأمور الأخرى، إلى تحكيم
الشريعة في كلّ ما فيه نزاع، سواءً كان هذا النّزاع بين دُول، أو كان هذا النّزاع
بين جماعات، أو كان هذا النزاع بين أفراد، أو كان هذا النّزاع بين مذاهب
واتّجاهات، لا بدّ من تحكيم الكتاب والسنّة، نحن نُطالِب بهذا في كلّ هذه الأُمور.
أمّا أن نَقْصُرَه على ناحية ونسكُت عن النّاحية الأخرى؛ فنقول: النواحي الأخرى دعوا الناس إلى رغباتهم، دعوا كلًّا يختار له مذهبًا، وكلًّا يختار له منهجًا! نقول: هذا قُصور عظيم؛ لأنه يجب أن نحكِّم