الشريعة في المحاكِم، ونحكِّمها في المذاهب
الفقهيّة، ونحكِّمها في المناهج الدَّعَوِيَّة، لا بد من هذا، فلا يجوز لنا أن
نَقْصُر كلام الله وكلام رسوله على ناحية ونترُك النواحي الأخرى؛ لأنّ هذا إمّا
جهل وإمّا هوى.
كثيرٌ من النّاس
اليوم ينادُون بتحكيم الشريعة في المحاكِم، لكن هم متنازِعون ومختلفون في مناهجهم
وفي مذاهبهم، ولا يريدون أن يحكِّموا الشّريعة في هذه الأمور، بل يقولون: اتركوا
الناس على ما هم عليه، لا تتعرّضوا لعقائدهم، لا تتعرضوا لمصطلحاتهم، لا تتعرّضوا
لمناهجهم، اتركوهم على ما هم عليه، وهذا ضلال، بل هذا من الإيمان ببعض الكتاب
والكفر بالبعض الآخر، مثل قوله تعالى: ﴿أَفَتُؤۡمِنُونَ
بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي
ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ
ٱلۡعَذَابِۗ﴾ [البقرة: 85].
فهذا أمر يجب
التنبُّه له؛ لأنّ هذه مسألة عظيمة غُفل عنها الآن، فالذين ينادُون بتحكيم الشريعة
إنما يريدون تحكيمَها في المخاصَمات، في الأموال والأعراض والخلافات بين الناس،
والأمور الدّنيوية.
ومناسبة عَقْد هذا الباب في كتاب التوحيد أنّ التّحاكُم إلى ما أنزل الله هو من التّوحيد والتحاكُم إلى غيره شركٌ بالله عز وجل شركٌ في الحكم والتّشريع.