ثم ذكَر الآيات، وهي
قولُ الله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ﴾ [النساء: 60] هذا تعجُّب استنكار
﴿إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ
إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى
ٱلطَّٰغُوتِ﴾ [النساء: 60] هل يتّفق هذا مع
دعوى الإيمان؟! لا يتّفق؛ لأنهم يريدون أن يجمعوا بين الإيمان والكُفر، ولا
يمكن هذا، فالمؤمن بالله وبرسوله يحكِّم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،
أما الذي يدّعي الإيمان ولكنّه في الحُكم لا يرجع إلى الله ولا إلى رسول الله فهذا
ليس بمؤمن، ولهذا قال: ﴿يَزۡعُمُونَ﴾ [النساء: 60] والزّعمُ، هو:
أكذبُ الحديث، وهذا يدلّ على أنهم كاذبون في دعواهمُ الإيمان، والدليل على
كَذِبهم أنّهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت، ولو كان إيمانُهم صادقًا لم
يتحاكموا إلا إلى كتاب الله وسنّة رسول الله.
فدلّ هذا على أن
إرادة التحاكُم إلى غير كتاب الله وسنة رسول الله - مجرّد الإرادة والنية - يتنافى
مع الإيمان، فكيف إذا فَعل؟! كيف إذا تحاكَم إلى غير كتاب الله وسنّة رسوله إذا
كان مَن نوى بقلبه واستباح هذا الشيء ولو لم يفعل أنّه غير مؤمن؟ فكيف بمن نفّذ
هذا وتحاكَم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله في أموره كلها، أو في بعضها؟!.
وقوله: ﴿ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ﴾ [النساء: 60] وهو: القُرآن ﴿وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ﴾ [النساء: 60] وهو: الكُتُب السابقة؛ لأنّ الإيمان بالكُتُب كلها هو أحد أركان الإيمان الستّة، الإيمان بالكُتب التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على رُسله، يجب الإيمان بها، ما سمّى الله منها وما لم يسمّ.