ابن أبي طالب ليكتُب
الصُّلْح، فقال له: «اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»،
قَالُوا: لاَ نَعْرِفُ: الرَّحْمَنَ إِلاَّ رَحْمَنُ الْيَمَامَةِ، وَلَكِنْ
اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُمۡ
يَكۡفُرُونَ بِٱلرَّحۡمَٰنِۚ﴾ [الرعد: 30] ([1]).
وكذلك لَمّا كان
النّبي صلى الله عليه وسلم في مكّة، وكان يصلِّي ويدعو في سُجوده: «يَا اللهُ، يَا
رَحْمَنُ»، فقال المشركون لَمّا سمعوه: انظروا إلى هذا يزعُم أنّه يعبُد ربًّا
واحدًا وهو يدعو ربّين: الله والرّحمن! قال الله تعالى: ﴿قُلِ
ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾ [الإسراء: 110].
بيّن - سبحانه - أنّ
أسماءه كثيرة، وتعدُّد الأسماء لا يدلّ على تعدُّد المسمّى، بل تعدُّد الأسماء
يدّل على عظمة المسمّى، والله جل وعلا له أسماء كثيرة، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ
ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ
فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]، وقال سبحانه
وتعالى: ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ﴾ [طه: 8]، وقال تعالى في آخر
سورة الحشر: ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾ [الحشر: 23] إلى قوله: ﴿لَهُ
ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾ [الحشر: 24]، فالله له أسماء كثيرة، كلّها حُسنى، يعني: تامّة
عظيمة تشتمِل على معانٍ جليلة.
وفي الحديث الصحيح: أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» ([2])، وفي دعاء النّبي صلى الله عليه وسلم: «أَسْأَلُكَ
([1])أخرجه: البخاري رقم (2581).