وكذلك: ما جعل فيها
من العلامات التي يهتدي بها المسافرون في البرّ والبحر: ﴿وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ﴾ [النحل: 16].
ومن ذلك: نعمة
المشارب من اللَّبَن والعسل والماء الذي أنزله من السّماء.
وكذلك: نعمة المساكن
التي يسكُنون فيها تُؤويهم من الحرّ والبرْد، فيتحصّنون بها من عدوّهم: البيوت
الثّابتة، والبيوت المتنقِّلة: ﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم
مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ﴾ [النحل: 80].
وكذلك: نعمة الملابس
التي يلبسونها: ﴿وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ
تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ﴾ [النحل: 81] ملابس الأبدان التي
يستُرون بها عوراتهم، ويُجمِّلون بها هيئاتهم، وملابس الدُّروع التي تَقيهِم من
سلاح العدو.
كلُّ هذه النعم من
الله سبحانه وتعالى.
ثم قال تعالى: ﴿فَإِن
تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٨٢ يَعۡرِفُونَ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكۡثَرُهُمُ
ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [النحل: 82- 83] والمفسِّرون ذكروا أقوالاً
في تفسير هذه الآية، وكلّها صحيحة، ولا تناقُض بينها؛ لأنّها كلّها تدخُل في نعمة
الله، وكُل منهم يذكُر مثالاً من هذه النعم.
فأقوال المفسّرين لا تناقض بينها، واختلافهم كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «اختلافُ تنوُّع، وليس هو اختلاف تضادّ، لأنّ الآية - أو الآيات، أو السّورة - تحتمِل عدّة معان، فكلّ واحدٍ من المفسِّرين