يأخذ معنىً من هذه
المعاني، فإذا جمعتها وجدتّ أنّ الآية - أو السّورة، أو الآيات - تتضمّن هذه
المعاني الّتي قالوها جميعًا».
فمنهم مَن قال:
المراد بقوله: ﴿يَعۡرِفُونَ نِعۡمَتَ
ٱللَّهِ﴾ [النحل: 83]: بَعثة محمد صلى الله
عليه وسلم، ولا شكّ أنّ هذه النعمة هي أكبر النِّعم، ولذلك صدّر السّورة بذكر
بَعثة الرُّسل: ﴿يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ
بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ
أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ﴾ [النحل: 2]، وقال تعالى: ﴿وَمَآ
أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
ومنهم مَن قال:
المراد بالنعمة: كلّ ما ذكره الله في هذه السّورة من أصناف النِّعَم؛ لأن قوله: ﴿نِعۡمَتَ
ٱللَّهِ﴾ [النحل: 83] مفرد مضاف، فيعم جميع النِّعم، فقولُه تعالى: ﴿يَعۡرِفُونَ
نِعۡمَتَ ٱللَّهِ﴾ [النحل: 83] أي: يعرفون نِعَمَ
الله المذكورة في هذه السورة، ولا يجحدونها في قَرارة أنفسهم، فيعرفون بقلوبهم
أنّها من الله، ولكنّهم بألسِنَتهم ينسِبونها إلى غير الله سبحانه وتعالى أو
بالعكس يتلفّظون بأنّ هذه النِّعَم من الله ولكنّهم في قلوبهم ينسِبونها إلى غيره.
ولهذا يقول العلماء:
أركان الشكر ثلاثة لا يصحّ الشّكر إلا بها:
الركن الأوّل: التحدُّث بها ظاهرًا،
كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثۡ﴾ [الضُّحى: 11].
الركن الثاني: الاعتراف بها باطنًا، يعني: تعتَرِف في قَرارة نفسك أنّها من الله سبحانه وتعالى فيكون قلبُك موافِقًا للسانك من الاعتراف بأنّها من الله.