وفي هذا الحديث:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ» كائنًا
مَنْ كان من ملائكة، أو أنبياء، أو أولياء، أو مشاعر مقدَّسة، أو غير ذلك.
«فَقَدْ كَفَرَ أَوْ
أَشْرَكَ» وهذا إمَّا شكٌ من الراوي، يعني: هل قال الرَّسول: كفر، أو قال: أشرك، أو
أنَّ «أو» بمعنى «الواو»؛ لأنَّ «أو» تأتي أحيانًا بمعنى «الواو»
في لغة العرب، يعني: فيكون المعنى: «فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ»، يعني: جمع
بين الكفر والشِّرك؛ لأنَّ بين الشرك والكفر عموم وخُصوص، فكل مشرك كافر.
وقد يَرِد سؤال هنا
وهو: أنَّه جاء في بعض الأحاديث الحلف بغير الله، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَفْلَحَ
وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ»، مع قوله: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ
كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ». فما الجواب؟
أجاب عنه العلماء
بجوابين:
الجواب الأوَّل: أن هذا وأمثاله لا
يُقصد به اليمين، وإنما يجري على الألسنة من غير قصد اليمين.
والجواب الثاني: أنَّ هذا كان قبل
النَّهي، فكان في الأوَّل يجوز الحلِف بغير الله، وبعد ذلك نُهي عن الحلِف بغير
الله، فقوله: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ» وأمثاله يكون منسوخًا بالنَّهي عن الحلف
بغير الله، وهذا هو الذي رجَّحه في الشرح.
والشاهد من الحديث للتَّرجمة: أن الحلف بغير الله
مِنِ اتَّخاذ الأنداد لله سبحانه وتعالى لأنَّ النِّدَّ معناه: النَّظير
والشَّبيه، فالذي يحلف بغير الله يجعل المحلوف به نِدًّا لله وشبيهًا لله سبحانه
وتعالى .