﴿رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ﴾ [البقرة: 22] تأكُلون منه قوتًا
وتتفكّهون به فواكه متنوّعة، من الذي أوجد هذه الأشياء؟ بل إنّ الجنس الواحد تحته
أنواعٌ لا يعلم حصْرها إلا الله سبحانه.
﴿فَلَا
تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا﴾ [البقرة: 22] هذا نهيٌ من الله سبحانه وتعالى عن الشرك بعد
الأمر بالتوحيد، والأنداد: جمعُ نِدّ، والمراد به: المثيل، والشّبيه، والنّظير،
أي: فلا تجعلوا لله نُظراء وأمثالاً تشبِّهونهم به، وتُشركونهم معه في العبادة،
وهم خلْقٌ مثلُكم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياةً ولا
نُشورًا ﴿وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 22] أنه لا نِدّ له سبحانه وتعالى وتعلمون أنّ أحدًا
لم يشارك الله في خلقه وفي تدبيره.
استدلّ سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين بعدّة أُمور: خلقُه لهم، وجعلُه الأرض فراشًا، والسماء بناء، وإنزال المطر، وإخراج الثمرات، كلّها أدلّة عقليّة واضحة هم يعترفون بها، فهذا من إلزامهم بالحُجّة، وإبطال الشّرك الذي هم عليه، وبيان أنّه لا بُرهان له ولا دليل عليه، وإنما الدليل والبُرهان على وُجوب عبادة الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [المؤمنون: 117]، ﴿قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [البقرة: 111]، ﴿وَنَزَعۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدٗا فَقُلۡنَا هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ فَعَلِمُوٓاْ أَنَّ ٱلۡحَقَّ لِلَّهِ﴾ [القصص: 75] لا بُرهان لهم على الشّرك أبدًا، وإنما البراهين القاطعة هي على توحيد الله سبحانه وتعالى وإفراده بالعبادة.