«قُولُوا:
وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» وربُّ الكعبة هو اللهُ سبحانه وتعالى والكعبةُ: بَيْتُ
اللهِ، فلا يُحْلَفُ بالكعبةِ، وَإنَّما يُحْلَفُ بِرَبِّ الكعبةِ، هذا هو البديل
الصحيح الخالي من الشرك.
وإذا كان الحلف
بالكعبة شركًا ومنهيًا عنه؛ فكيف بالحلف بغيرها؟
وقد مرَّ في بابٍ
سابقٍ حديثُ: «لاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ، وَلَكِنْ
قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ»، هذا هو اللَّفظ الصحيح: أن
تأتيَ بـ «ثُمَّ» بدل «الواو» لأنَّ «الواو» للتشريك بين
الخالق والمخلوق في المشيئة، أما «ثُمَّ» فإنَّها للتَّرتيب؛ حيثُ جعلت
مشيئةَ المخلوقِ بعدَ مشيئةِ الخالقِ؛ لأنَّ المخلوق لا يشاء إلاَّ إذا شاء الله سبحانه
وتعالى فمشيئتُهُ تابعةٌ لمشيئةِ الله وليست مستقلَّة، فهذا هو فرقُ ما بين
اللَّفظتين لفظة: «ما شاء الله وشاء فلان» وبين: «ما شاء الله، ثُمَّ شاء فلان»،
فلفظة «ما شاء الله وشاء فلان» شركٌ، ولفظة: «ما شاء الله، ثُمَّ شاء
فلان» توحيد.
والمخلوق له مشيئة، خلافًا
للجَبْرِيَّة الضُّلاَّل الذين يقولون: إنَّ المخلوق ليس له مشيئة، بل هو مجبور،
يفعل الكفر والمعاصي والشرك من غير اختياره، مثل الآلة التي تُحَرَّك والريشة التي
تحرِّكُها الريح، ولو كان كذلك لم يستحقَّ العذابَ على المعصية، ولم يستحقَّ
الثوابَ على الطاعة.
ويقابلهم المعتزلة
الذين قالوا: العبد له مشيئة مستقلة لا تتعلَّق بمشيئة الله، فهو يفعل الكفر
والمعاصي بغير مشيئة الله، وإنَّما بمشيئته مستقلًّا بها، تعالى الله عمَّا
يقولون، وهذا معناه: أنه يحدُث في ملك الله