وله -
أيضًا - عن ابن عبَّاس: أَنَّ رَجُلاً قَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا
شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ: «أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدًّا؟! بَلْ مَا شَاءَ
اللهُ وَحْدَهُ» ([1]).
****
ما لا يشاؤه. وليس
من لازم مشيئة الله: محبته لكل ما يشاؤه سبحانه؛ فهو يشاء كفر الكافر ولا يحبه،
وإنما يشاؤه ويخلقه لحِكمة بالغة.
قوله صلى الله عليه وسلم:
«أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدًّا؟! قُلْ: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» النِّدُّ
هو: الشَّبيه والمثيلُ والنَّظير، يعني: أجعلتني شبيهًا لله ومثيلاً لله وشريكًا
له في هذا اللفظ، ثم أمره أن يستبدل هذه اللفظة بلفظة التَّوحيد فيقول: ما شاء
الله وحده.
وهذا إرشاد إلى
الأكمل أن يقول: ما شاء الله وحده، وإذا قال: ما شاء الله، ثُمَّ شئت، فهذا بيانٌ
للجائز، فلا تعارُض بين الحديثين.
وهذا مِنْ سدِّ
الطُرُقِ الموصِّلة إلى الشرك، فإنَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرك ونهى عن
الطرق التي توصل إليه، فإذا تلفظ بذلك -ولو كان لا يعتقد- فهذا وسيلةٌ إلى
الاعتقاد فيما بعد، فيُمنَع اللفظ وإنْ كان لا يعتقد؛ لئلا يفضي هذا إلى الاعتقاد.
وهذان الحديثان
فيهما فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى: ما ذكره الشيخ رحمه الله في مسائله قال: «فيه فَهْمُ الإنسان إذا كان له هوى»، فهذا اليهودي مع كونه يهوديًّا مغضوبًا عليه فهِم أنَّ هذا من الشِّرك؛ لأنَّه يريد أَنْ يتنقَّص هذه الأُمَّة، ومع هذا تقبَّل الرَّسول صلى الله عليه وسلم هذه الملاحظة، وأرشد إلى تصحيحها.
([1])أخرجه: النسائي في «الكبرى» رقم (10825)، وأحمد رقم (1839)، والبيهقي رقم (5603).