باب مَن سبَّ الدَّهرَ فَقَد آذى الله
****
قال الشيخ رحمه الله:
«بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهر» السبُّ معناه: الذَّم والتنقُّص، والدهر
المراد به: الزمان والوقت.
ومعنى: «آذى الله»: أن الله سبحانه
وتعالى يبغض ذلك ويكرهه، لأنَّه تنقُّصٌ لله سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى
يتأذَّى ببعض أفعال عباده وأقوالهم التي فيها إساءةٌ في حقَّه، ولكنَّه لا يتضرَّر
بذلك، لأنه الله لا يضرُّه شيء: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ
ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا
وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا﴾ [الأحزاب: 57] وقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ
ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِيمَٰنِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡٔٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [آل عمران: 177].
وفي الحديث: «يَا
عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي» ([1]) ففرقٌ بين الضرر
والإيذاء.
ووجهُ كونه يتأذَّى بسبِّ الدهر: لأن السبَّ يكون متوجِّهًا إليه؛ لأنَّه هو المتصرِّف الذي يجري في قدَره وقضائه الخير والشَّرَّ والمكروه والمحبوب، أما الدهر فإنَّما هو زمانٌ ووقتٌ للحوادث، لا أنَّ الدَّهر نفسه هو الذي يتصرَّف ويُحدِث هذه الحوادث التي تجري فيه، وإنَّما الدهر زمانٌ ووقتٌ للأعمال كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا﴾ [الفرقان: 62]، بل إنَّ الله جعل بعض الأزمان له خاصيَّة وفضيلة في مضاعفة الأعمال مثل شهر
الصفحة 1 / 482