المخلوق فإنه قد يعطي
العطاء ولكن هذه العطيَّة تكون ثقيلةً عليه وتُجحِف بماله، قد يكون معسِرًا ليس
عنده شيء.
أمَّا الله جل وعلا
فإنه غنيٌّ لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه، ولذلك: يعطي الجنَّة التي هي غاية المَطالِب،
ويعطي الدنيا والآخرة سبحانه وتعالى يعطي بلا حساب، ولا تنفَد خزائنه، كما في
الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ
وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ
إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ
الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ،، ذَلِكَ لأَِنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ وَاجِدٌ،
عَطَائِي كَلاَمٌ، وَعِقَابِي كَلاَمٌ، أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ» ([1])، هذا شأنه سبحانه
وتعالى.
فدلَّ هذا الحديث
على مسائل:
المسألة الأولى: النَّهي عن أن
يقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ»،
والنَّهي للتحريم.
المسألة الثانية: بيان علَّة النَّهي، وهي أنَّ الله جل وعلا لا مُكره له حتى يحتاج إلى أن تقول: «إِنْ شِئْتَ»، ولا يتعاظمه شيء أعطاه ولو كان كثيرًا، فإنَّ هذا بالنسبة لله كَلاَ شيء، خزائنُه مَلأْى لا تَغِيض مع كثرة الإنفاق، كلُّ ما في الدنيا والآخرة فإنه من جودِه سبحانه وتعالى ومع هذا لا تَغيضُ خزائنُه سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [المنافقون: 7]، كلُّ ما في الدنيا وكلُّ ما في الآخرة وكلُّ ما في السموات وكلُّ ما في الأرض من الخيْرات والنِّعم فإنه من خزائن الله سبحانه وتعالى.
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2495)، وابن ماجه رقم (4257)، وأحمد رقم (21367).