لابن أبي عاصم،
وغيرها من الكتب المؤلَّفة في التوحيد، كلُّهم يذكُرون النُّصوص الدالَّة على
صفاتِ الله سبحانه وتعالى الصفات الذاتيَّة كالوجه واليدين، والصفات الفعليَّة
كالاستِواء والنُّزول إلى سماء الدُّنيا، وغير ذلك من صفات الأفعال.
فالوجه من الصفات
الذاتيَّة وهو أعظمُها، ولكن مع العلم واليقين والقطع بأنَّ صفاتِ الله ليست كصفات
خلْقِه، فالله له وجهٌ والمخلوق له وجهٌ، والله له يدان والمخلوق له يدان، والله
جل وعلا له سمع وله بصر، والمخلوق له سمع وله بصر، ولكنَّ صفات الله جل وعلا
لائقةٌ به وبعظمتِه، وصفات المخلوقين تَليقُ بهم وبخِلْقتهم، فلا تُشبِه صفات
المخلوقين صفات الخالق جل وعلا: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ
وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، ﴿هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا﴾ [مريم: 65]، ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ
أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 22]، ﴿وَلَمۡ
يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾ [الإخلاص: 4]، كلُّ هذا يَنفي المماثَلة والمشابهة بين صفات
الخالق وصفات المخلوق، فلا تَشابُه وإنِ اشتركَتْ في المعنى، فإنها لا تشترك في
الكيفيَّة والحقيقة.
ومَن شبَّه الله بخلْقه فقد كفَر، ومن جحَد ما وصَف الله به نفسَه فقد كفَر، كما قال نُعَيْم بن حماد - شيخ البخاري - وغيرُه، علماء السلف: من شبَّه الله بخلْقه فقد كفَر؛ لأنَّ الله جل وعلا يقول: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾ [الشورى: 11] ومَن جحَد ما وصَف الله به نفسَه فقد كفَر؛ لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ ويقول: ﴿وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ﴾ [الرحمن: 27]، فأثبَت له الوجه، فمن نفَى ما أثبَته الله لنفسه