وفي «الصحيح»
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «احْرِصْ عَلَى
مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ
فَلاَ تَقُلْ:
****
﴿قُلۡ
فَٱدۡرَءُواْ﴾ أي: امنَعوا، ﴿عَنۡ أَنفُسِكُمُ ٱلۡمَوۡتَ
إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [آل عمران: 168] من أنهم لو كانوا
عندكم ما ماتوا وما قُتلوا.
الشَّاهد في قوله:
﴿لَّوۡ كَانُواْ عِندَنَا﴾، هذا فيه استعمال
«لَوْ» في مقام الجزَع والتسخُّط وعدم الإيمان بالقدَر، فالموت الذي حصَل لهم
- بزعمه - ليس هو بقضاء الله وقدَره وإنَّما هو بسبب الخُروج، وأنَّ البقاء في
المدينة سبَبٌ للسلامة، ولا يرجِع هذا إلى القضاء والقدَر. والسلامة والقتل كلاهما
راجع إلى القضاء والقدَر سواء بَقُوا في المدينة أو خرَجوا إلى أُحُد، فمن كتَب
الله أنه يموت فإنه سيموت في المدينة أو في أُحُد، ومن كتَب الله أنه يبقَى
فسيبقَى سواءً في المعركة أو في المدينة، فالأمر راجع إلى قضاء الله وقدَره.
قال: «وفي
الصحيح» يعني: في «صحيح مسلم».
قوله: «الْمُؤْمِنُ
الْقَوِيُّ» المراد بالقويِّ هنا: قوَّة الإيمان أي: القويُّ في إيمانه، وكذلك
القويُّ في بدنه ورأيِه وتدبيرِه، فالقوَّة تشمَل قوَّة الإيمان - وهذا هو الأصل
والأساس، وقوَّة الرأي والتدبير، وقوَّة البدن أيضًا، لأنه ينفَع بقوَّته، ينفَع
نفسَه وينفَع غيرَه، نفعُهُ يكون متعدِّيًا، فهو «خَيْرٌ» أفعل تفضيل، يعني: أكثرُ
خيرًا.
«وَأَحَبُّ إِلَى
اللهِ» هذا فيه: إثبات المحبَّة لله عز وجل وأنه يحبُّ المؤمن القويَّ. والمحبَّة
من صفات الله سبحانه وتعالى.