﴿إِذَا عَٰهَدتُّمۡ﴾ [النحل: 91] أي: عاهدتم طرفًا
آخر مِن النَّاس، وهذا يشمل العهد الذي بين المسلمين الكُفَّار، ويشمل العهد الذي
بينَ وليِّ أمر المسلمين وبين الرعيَّة، ويشمل العهد الذي بين أفراد النَّاس بعضهم
مع بعض.
فهذه العهود
العامَّة والخاصَّة يجب الوفاء بها؛ لأنَّ نقض العُهود مِن علامات المنافقين، قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ
لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ
ٱلصَّٰلِحِينَ ٧٥ فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُواْ بِهِۦ وَتَوَلَّواْ
وَّهُم مُّعۡرِضُونَ ٧٦ فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقٗا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ يَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَآ أَخۡلَفُواْ
ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ﴾ [التوبة: 75- 77]، قال صلى الله عليه
وسلم: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ
أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» ([1]).
فنقض العهود من صفات
المنافقين، والوفاء بالعهود من صفات المؤمنين.
ثم نهى سبحانه
وتعالى عن نقض العهود؛ فقال: ﴿وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَٰنَ﴾ [النحل: 91] يعني: العهود؛ لأنَّ
العهد يسمَّى يمينًا.
﴿بَعۡدَ تَوۡكِيدِهَا﴾ [النحل: 91] أي: بعد إبرامها وعقْدِها؛ لأنَّها إذا عُقدت وأُبرمت وجب الوفاء بها والالتزام بها مِن الطرفين، حتَّى ولو كانت مع كفَّار، قال تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58] أي: أعلِن لهم أنَّك تريد إنهاء
([1])أخرجه: البخاري رقم (33)، ومسلم رقم (59).