العقد الذي بينَك وبينَهم، حتَّى يكونوا على
بيِّنة وعلى بصيرة، ولا تفاجئهم بنقض العهد بدون سابقة إنذار ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58]، هذا مع الكفَّار،
فكيف مع المسلمين؟
﴿وَقَدۡ
جَعَلۡتُمُ ٱللَّهَ عَلَيۡكُمۡ كَفِيلًاۚ﴾ [النحل: 91] الواو: واوُ الحال،
أي: والحال أنَّكم إذا عاهدتُّم فقد جعلتم الله كفيلاً عليكم.
والمعنى: أَنَّ الله
سبحانه وتعالى ينتقم ممَّن نقض العهد؛ لأنَّهم إنَّما وَثِقوا بكم ووثقتم بهم باسم
الله سبحانه وتعالى فصار الله - سبحانه - كفيلاً وحسيبًا ورقيبًا على الجميع، ومَن
كان الله حسيبَه ورقيبَه ومحاسبَه فإنَّه لن يفوت على الله جل وعلا ولا يخفى ما في
قلبه وفي نيَّتهِ مِن النِّيات الباطلة والغدر؛ فالله يعلم ما في القلوب، فكيف إذا
ظهر ووقع: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ﴾ [النحل: 91] هذا الكفيل ليس
كغيره مِن الكفلاء مِن الخَلْق؛ فالكفيل مِن الخلق قد يغفُل وقد يجهل، ولا يعلم
بما يحصُل مِن المكفول، ولكنَّ الله جل وعلا لا تخفى عليه أفعال خلقه وأعمال
عباده، فهو يعلم أفعالكم ونيَّاتكم ومقاصدكم وأهدافكم وما ترمون إليه، فاحذروا مِن
الله سبحانه وتعالى احذروا مِن هذا الكفيل العليم الخبير القدير الذي لا يخفى عليه
شيء ولا يُعجزُهُ شيءٌ.
فهذه الآية فيها
شاهدٌ واضح للترجمة وهي: النَّهي عَن خَفْر العهد ونقض العهد مِن غير مبرِّر ومِن
غير سبب يقتضي ذلك.
***