عن
عبد الله بن الشَّخِّير رضي الله عنه قال: انطلقتُ في وفدِ بني عامرٍ إلى رسولِ
الله صلى الله عليه وسلم، فقُلنا: أنتَ سيِّدُنَا، فَقَالَ: «السَّيِّدُ اللهُ
تبارك وتعالى ».
****
فقد يكون الشيء مباحًا في نفسه، ولكن إذا كان
هذا المباح يُفضي إلى محرَّم فإنَّ هذا المباح يُصبح حرامًا؛ لأنَّ الوسائل لها
حكم الغايات، فالوسيلة إلى المحرَّم تكون حرامًا، وهذا ما يسمَّى عند الأُصوليِّين
بقاعدة «سدِّ الذرائع»، فكلُّ ذريعة توصِّل إلى محظور وإلى حرام فإنَّ
الشَّارع منع منها وحرَّمها، وهذا كثيرٌ في الشريعة.
قولُه: «عن عبد الله بن
الشَّخِّير» هو عبد الله بنُ كعب بن عامر ابن الشخِّير العامريُّ نسبةً إلى
بني عامر، قبيلة مِن قبائل العرب معروفة.
قال: «انطلقتُ فِي
وَفْد بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم » وذلك عام
الوُفود، وهو العام التَّاسع مِن الهجرة، فإنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا
فتح الله عليه مكَّة في السَّنةِ الثامنة من الهجرة، دخل النَّاسُ في دين الله
أفواجًا، فصاروا يتوافدون على الرَّسول صلى الله عليه وسلم يعلنون إسلامهم،
فَسُمِّيَ هذا العام عامَ الوُفودِ، وهذا كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِذَا
جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ
ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا﴾ [النصر: 1- 2]، الفتح المراد به:
فتحُ مكَّة.
قالوا للرَّسول صلى الله عليه وسلم يخاطبونه: «أَنْتَ سَيِّدُنَا» على عادة العرب أنَّهم إذا قدِموا إلى كبيرٍ من كبرائهم أو ملكٍ من ملوكهم يمدحونه ويفخِّمونه بالألفاظ، فظنُّوا أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كذلك يقال له مثل ما يقال لرؤساء العرب وملوك العرب، فقالوا: «أنت سيدنا وابن سيدنا».