فقال النَّبي صلى
الله عليه وسلم: «السَّيِّدُ اللَّهُ تبارك وتعالى » أراد صلى الله عليه وسلم أن
يسدَّ باب الغلوِّ في حقِّه صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: «السَّيِّدُ اللَّهُ»
من أجل أن يترُكوا هذا اللَّفظ.
والسيِّد يطلق
ويُراد به: المالِك، كما يقال لمالك العبد: سيِّد؛ لأنَّه يملكُه، فالله جل وعلا
هو السيد، بمعنى أنَّه هو المالك المطلق الذي له التصرُّف كما يشاء سبحانه وتعالى
في عباده، فهو السيِّد والخلْق عباده سبحانه وتعالى.
والنَّبي صلى الله
عليه وسلم أراد أن يسدَّ هذا المديح خوفًا عليهم مِن الغلوِّ، كما أَنَّ الصَّحابة
لَمَّا آذاهم منافق من المنافقين فقالوا: «قومُوا بِنَا نَسْتغيثُ بِرسولِ
اللهِ صلى الله عليه وسلم »، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ
لاَ يُسْتَغَاثُ بِي، وَ إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ عز وجل»([1])، فأراد صلى الله
عليه وسلم أن يسدَّ هذا الباب، وإن كانت الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه جائزة،
كما قال الله تعالى في قصة موسى: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن
شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾ [القصص: 15]، والنَّبي صلى الله
عليه وسلم قادرٌ على أن يردع هذا المنافق ولكنَّه أراد أن يعلِّم الأمَّة الآداب
ويبعدها عن الغلو فقال: «إِنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي، وَ إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ
بِاللَّهِ عز وجل ».
وقال - أيضًا -: «لاَ تُطْرُونِي» أي: لا تزيدوا في مدحي، «كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ» أي: كما غَلَت النصارى في المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام حتى أدَّى بهم هذا الغلوُّ إلى أن عبدوه مِن دون الله، وجعلوه إلهًا، «فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([2]).
([1])أخرجه: أحمد رقم (22706).