إلى غير ذلك من
الأحاديث التي ينهى فيها النَّبي صلى الله عليه وسلم عن الغلوِّ في مدحه صلى الله
عليه وسلم، خوفًا على الأمَّة مِن الوُقوع في الشِّرك؛ لأنَّ المبالغة في المدح
تُفضي إلى الغلو والشرك في الممدوح، لا سيِّما إذا كان هذا الممدوح نبيًّا من
الأنبياء، أو كان صالحًا من الصالحين، أو عالمًا من العلماء أو ممَّن كانت لهم
مكانةٌ في النَّاس، فإنَّه لا يجوز الغلوُّ في مدحه؛ لأنَّ هذا يؤدِّي إلى الشرك.
وأيضًا: مدح الإنسان
في وجهه يسبِّب إعجاب الممدوح بنفسه، فالمبالغة في المدح فيها محذوران.
المحذور الأوَّل على
المدح نفسه: أن يغلوَ في الممدوح حتى يعبُده من دون الله.
والمحذور الثَّاني
في حقِّ الممدوح: فقد يُعجب هذا الممدوح في نفسِه ويرى لنفسه منزلة رفيعة، فيكون ذلك ضررًا
عليه ويفسد أعماله؛ لأنَّ الإنسان إذا أُعجب بأعماله وأُعجب بصلاحه وأُعجب بعلمه
فإن ذلك يؤدي إلى فساد أعماله؛ لأنَّ الواجب على الإنسان أن يتذلَّلَ لربِّه وأن
يخضع لربِّه وأن يعرف قدْر نفسه وأنَّه ضعيف، وأنَّه محتاج إلى الله سبحانه وتعالى
وأنَّه مخلوق كسائر المخلوقين ليس له ميزة على غيره من البشر إلاَّ بالتقوى والعمل
الصَّالح، وإلاَّ فإنَّه لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلاَّ بالتقوى.
فالنَّبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «السَّيِّدُ اللَّهُ» مِن أجل أن يسدَّ عليهم هذا الطريق الذي كانوا يعتادونه مع رؤسائهم ومع أكابرهم.