×
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد الجزء الثاني

وكذلك قولهم: «خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا» هذا - أيضًا - استنكره النَّبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرَّسول صلى الله عليه وسلم لا يريد المدح، وإنَّما يريد أن يوصَف بما وصفه الله تعالى به مِن الرِّسالة والنبوَّة، وكفى بذلك شَرَفًا له صلى الله عليه وسلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: «وَلاَ يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ» يستهوينَّكم: يوقعكم في الهوى الذي يُضلُّ عن سبيل الله عز وجل. أو يَسْتَهْوِينَّكُمْ: مِن الهُوِي وهو: الوُقوع في الهلاك، أي: لا يوقعكم الشيطان في الضَّلال، أو لا يوقعكم في الهوى الذي يضلُّكم عن سبيل الله عز وجل فإنَّ الشيطان يتدرَّج في بني آدم شيئًا فشيئًا إلى أن يُهلكهم، فعلى المسلم أن يحذر من الشيطان واستدراجه واستهوائه، ولا يتساهل مع الشيطان في شيء ولو كان صغيرًا فإنَّه يكَبُر ويعظُم.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أَنَا مُحَمَّدُ، عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» هذا ما يمدح به صلى الله عليه وسلم العبودية والرسالة.

«مَا أُحِبُّ أَنْ يَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي - اللهُ عز وجل » هذا بيان الحكمة في منعه صلى الله عليه وسلم؛ أنه خشيَ عليهم في مدحهم له أَنْ يرفعوه فوق منزلته التي أنزله الله وهي العبوديَّة والرِّسالة، لئلا يعتقدوا فيه جانب الرُّبوبيَّة، كما حصل للنصارى في حقِّ عيسى عليه الصلاة والسلام.

فعبده: فيه منع من الغلوِّ.

ورسوله: فيه المنع من احتقاره صلى الله عليه وسلم.

فلا تقول: إنَّه بشر وآدمي، وتعتبر أنَّه لا ميزة له على البشر في شيء، كما يقول الكفار: ﴿مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا [الشعراء: 154]؛ لأنَّه جُحودٌ للرِّسالة.


الشرح