عن
أُبيِّ بنِ كعبٍ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «لاَ
تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا
أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا
وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ» ([1])
صحَّحه الترمذي.
****
قال: «عَنْ
أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ» هو: أبو المنذر أبيُّ بنُ كعب الخزرجيُّ الأنصاريُّ، كان
مُشتهرًا بجودة القراءة للقرآن؛ فهو أقرأُ الصَّحابة لكتاب الله عز وجل.
قال: «أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَسُبُّوا الرِّيحَ»» هذا نهيٌ
مِن الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ومعنى: «تَسُبُّوا» يعني: لا تشتِمُوا
الرِّيح وتذمُّوها وتلعنوها، كما كان عليه أهل الجاهليَّة أنهم يسبُّون الريح إذا
جاءت على غير رغبتهم، والواجب أَنَّ الإنسان عندما يصيبُه ما يكره: أَنْ يحاسبَ
نفسَه؛ لأنَّه ما أصابه هذا المكروه إلاَّ بسببه وبفعلِه، فيحاسب نفسَه ويتوب إلى
الله عز وجل: ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ﴾ [الشورى: 30].
فالواجب أنَّ الإنسان لا يلوم الرِّيح ولا يلوم غيرها وإنَّما يلوم نفسَه، بأن يرجع إلى الله ويتوب إلى الله ويعلم أنَّ الله ما قدَّر عليه هذه المصيبة إلاَّ بسبب فعلِه ومعصيته، فيتوب إلى الله عز وجل ويحاسِب نفسه، ثم ينسب الأشياء إلى الله وأنَّ الله هو الذي قدَّرها وهو الذي وأوجدَها وهو الذي أمرها بذلك، فهي مأمورة مدبَّرة: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَقَلَّتۡ سَحَابٗا ثِقَالٗا سُقۡنَٰهُ لِبَلَدٖ مَّيِّتٖ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَآءَ﴾ [الأعراف: 57] فالله جل وعلا هو الذي يُرسل الرِّياح: ﴿وَأَرۡسَلۡنَا ٱلرِّيَٰحَ
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2252)، وابن ماجه رقم (3727)، وأحمد رقم (21138).